عصر التنوير

ساهمت الفلسفة في هذا العصر في نشر الوعي بحقوق الإنسان خاصة من خلال الأعمال التي وضعها الفيلسوف الفرنسي فولتيرVoltaire 1694 ـ 1778 وحاول من خلالها مكافحة الفساد والخرافات بضراوة وفعالية أكثر. فكان معارضا عنيدا للكنيسة ولكل عقيدة لا تعرف التسامح وتضع الإيمان فوق العقل. فالمسيحي عنده يسلم أمره دون قيد إلى كتابين يعتقد أنهما مقدسان التوراة والإنجيل ، ولكن هل لهذا الإيمان مسوغ أو أساس شرعي ؟ جواب فولتير على هذا السؤال لا . ويعلل نفيه بأن مختلف أقسام التوراة ليست لها نفس القدر من الصحة. والأناجيل لم تحرر رأسا في زمن المسيح بل كتبت بعد مائة عام من وفاته . إلى جانب هذا فإن الأناجيل الأربعة لا تتفق فيما بينها لا على نسب المسيح، ولا على أحداث طفولته، ولا على معجزاته ولا على أقواله . فكيف يمكن إذا اعتبارها جميعا صالحة وذات قيمة ؟ لذلك فإن نصوص التوراة والإنجيل بعيدة عن أن يكون لها الاعتبار التاريخي التي تضيفه عليها الكنيسة.

والى جانب فولتير نجد دونيس ديدرو Denis Diderot 1713 ـ 1784 الذي حاول بدوره التصدي لسيطرة الكنيسة عن طريق تقديم تفسير جديد لظهور الدين. فهو يرى أن الآلهة قد وجدت في نفوس الناس بسبب الخوف والجهل، وأن الوهم والخيال والحماسة والخداع زين هذه التصورات ، وضعف الإنسان حولها إلى معبود، والتصديق والتسليم وسلامة النية حافظ عليها ، والعرف يحترمها ويوقرها، وحكم الطاغية يؤيدها كي يستخدم عمى الناس وغفلتهم لمنافعه ويسخرهم لمصالحه. ليخلص إلى نتيجة مفادها أن الإيمان بالله مرتبط بالتسليم بحكم الفرد، أو الحكم المطلق، وكلاهما(الدين والسلطة الحاكمة ) ينهضان ويسقطان معا ولن يتحرر الناس إطلاقا حسب ديدرو إلا عندما يشنق آخر ملك بأمعاء آخر قسيس[31]. ثم المضي بعد ذلك في نشر المعرفة، وتشجيع الصناعة، إذ أن الصناعة ستحقق السلام والمعرفة ستخلق أخلاقا طبيعية جديدة .

تم عمل هذا الموقع بواسطة